اللهو المنظّم
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام
على اشرف المرسلين سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه بإحسان
إلى يوم الدين
يقول تعالى في كتابه العزيز
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ
حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ{1} مَا يَأْتِيهِم مِّن
ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ
يَلْعَبُونَ{2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ
النَّجْوَى
الَّذِينَ ظَلَمُواْ
أمران ذكرا في هذه الآية الكريمة : أمر يتعلّق
بالآخرة وأمر يتعلّق بالدنيا. أمّا الأمر المتعلّق بالآخرة فهو بمثابة
تحذير للمسليمين (اقترب للنّاس حسابهم)
وأمّا الأمر المتعلّق بالدّنيا (
وهم في غفلة معرضون) . والإعراض واللهو واللّعب هو ذمّ في هذه الآية
الكريمة، فما بالكم إذا كان هذا اللهو والإعراض صرف
عن قضايا الأمّة
المصيريّة.إذا كان هذا اللّهو منظّما من قبل اعداء الأمّة الإسلاميّة.
أيّها
الإخوة الكرام
بعد أن أعمل الكافر المستعمر في المسلمين قتلا وتدميرا
وتجزئة وفتكا ،لجأ إلى لهو آخر ..إلى هو منظّم صرف فيه أذهان المسلمين عن
قضاياهم
المصيريّة .مئات الشاشات بل الآلاف يتكدّس حولها الملايين
..لماذا ؟ ليتابعون كرة يتقاذفها لاعبون.. وكأنّ قضايا المسلمين قد حلّت
..كأنّ قضايا الإسلام
قد انتهت ولم يبق قضيّة واحدة تبحث حتّى تتابع مثل
هذه المباريات.
أيّها الإخوة الكرام
نتساءل وإيّاكم بعض الأسئلة
ونقول :
أيصحّ لأمّة تعاني من أعداء الله ومن أمّة أصيبت بالذّل
والهوان أن تتابع كاس العالم وتصرف قضيّتها عن قضيّتها المصييريّة؟
هل
يقبل من أمّة سقطت خلافتها وغابت أحكام الإسلام في الأرض أن تهتمّ بمباريات
يرافقها السبّ والشتم والإستيطان والتعصّب الأعمى؟
هل يصحّ لأمّة انبعث
الصراخ من جسدها عشرات السّنين في كلّ الآفاق من الثكالى والأرامل..أيصحّ
أن تهتف للفريق الفلانيّ والفريق العلاّنيّ؟
هل يصحّ لأمّة سالت دماء
ابنائها الزكيّة من الشّباب والشيوخ والرضّع..سالت كالشلاّلات وذبحت من
الوريد إلى الوريد أن تلتفّ حول كأس العالم؟
أيصحّ كلّ هذا من أمّة
وصفها الله سبحانه وتعالى (كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر)
هذا هو والله عمل أمّة الإسلام الصحيح : الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن تصل إلى حلّ قضيّتها المصيريّة..إلى أن
تصل إلى حدّ إيصال الإسلام
إلى سدّة الحكم وبعدها تهتمّ أمّة الإسلام
بما تهتمّ.
أيّها الإخوة الكرام
لماذا تحجب شاشات التلفزة من
هذا الإعلام المبرمج عن مؤتمرات مثل مؤتمر علماء أندونيسيا الذّي ضمّ سبعة
آلاف عالم من كافّة أنحاء الآرض يصرخون
بصوت واحد :" نعم ..نعم لإيصال
الإسلام لسدّة الحكم والخلافة الراشدة على منهاج النبوّة" ؟
لماذا تحجب
الشاشات عن هذا المؤتمر وغيره الكثير من المؤتمرات، وتفتح الشاشات على
مصراعيها لمثل هذه الألعاب واللهو المنظّم لأبناء المسلمين؟
إنّ على
المسلمين جميعا أن يعلموا علم اليقين أنّ الله سبحانه وتعالى عندما طلب
منهم العمل للآخرة ، طلب منهم الإسراع والسباق والتسابق، أمّا
في حال
الدّنيا فطلب منهم المشي مجرّد مشي فقال تعالى
وسارعوا إلى مغفرة من
ربّكم وجنّة عرضها السّماوات والآرض أعدّت للمتّقين
اما في أمر الدنيا
فقال
هو الذّي جعل لكم الآرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلو من رزقه
وإليه النّشور
أمر الآخرة يحتاج غلى تسارع وسباق بيننا لما يرضي الله
عزّ وجلّ وأمّا أمر الدنيا فنمشي فيه مجرّد مشي .وأمّا حال أمّة الإسلام
اليوم فقد
انقلبت صورتهم فاصبحت الذّي يحتاج إلى تسارع وسباق ، اصبح في
مشي. وأمّا الذّي يحتاج إلى مشي أصبح يتسابق فيه.
ايّها الإخوة
الكرام
إنّ على المسلمين بدل ان يهتمّوا باقطاب اللاّعبين أن
يهتمّوا بأقطاب الشاشة الغربيين الذّين يطؤون الأرض المباركة يعيثون فيها
الفساد تاركين
ورائهم خططا شيطانيّة تهتك بأعراض المسلمين ويقتتل بسببها
أبناء المسلمين.
هذا ما على المسلمين أن يلتفتوا إليه، ولكن ما السّبب
في انصراف المسلمين عن كلّ هذه القضايا التّي ذكرت؟ إنّها أحكام الإسلام
التّي غابت
في الأرض..إنّه غياب الخلافة حامية ديار المسلمين. هذا هو
السبب الذّي جعل المسلمين يصرفون اهتماماتهم إلى قضايا فرعيّة وقضايا
جانبيّة
تافهة على حساب قضيّة مصيريّة.
اسمعوا ماذا قال أحد الكتّاب
عندما تحدّث عن غياب الخلافة ودولة الإسلام ، قال:" إنّها حضيرة الإسلام
ومحيط دائرة ومربّع رعاياه ومرتع سائمته
والتّي بها يحفظ الدّين ويسمى
وبها تصان بيضة الإسلام وتكثر النّعماء وتقام بها الحدود، فتمنع المحارم من
الانتهاك ، وتحصن الفروج فتهان
الأنساب عن الإختلاط وتحصّن الثغور فلا
تترك ويذاد عن الحرم فلا تقرع"
فاللهم عجّل للمسلمين بالنّصر والفرج
القريب
اللهم عجّل لنا بخلافة راشدة ثانية على منهاج النبّوة تعزّ بها
الإسلام والمسلمين وتذلّ بها الكفر والكفرة والمنافقين
اللهم اجعل هذا
اليوم قريبا
والحمد لله ربّ العالمين
ذكرى هدم الخلافة :
الثامن والعشرون من رجب 1342هـ
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تكون النبوة فيكم ما شاء
الله أن
تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما
شاء الله
أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا
عاضّاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم
يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون
ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء
أن يرفعها ثم
تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت
فاعملوا لاعادتها مع
العاملين فنعم الأجر العظيم